في مثل هذه الفترة من كلّ عام، تكشف الشركات حول العالم عن أدائها ونتائجها خلال العام السابق بأكمله، وتطغى على هذه الفترة حالة استثنائية من الترقب وخاصّة في عالم التكنولوجيا، لا سيّما أن العام الماضي كان على جانب كبير من الأهمية بالنسبة للقطاع. وربما يتجلى هذا بأوضح صورة ممكنة في حالة هواوي؛ إذ واجهت الشركة الكثير من التحديات على مدار الأعوام القليلة الماضية، وتعزى هذه التحديات في معظمها إلى عوامل خارجة عن إرادة الشركة وسيطرتها.

 

ولقد سجلت نتائج أعمال شركة هواوي أول انخفاض سنوي في الإيرادات على الإطلاق خلال العام 2021، مدفوعاً بتأثير العقوبات الأميركية على الشركة. إلا أن هذا لم يمنع عملاق التكنولوجيا الصيني من تعزيز أرباحه خلال العام الماضي.

 

وفي هذه البيئة، أدركت هواوي للتو أن هذه التأثيرات كان لها أثر على نمو هواوي أيضاً. وقد حافظت الشركة على ثبات عملياتها على مدار العام الماضي حيث وصلت إيرادات هواوي في عام 2021 إلى 99.9 مليار دولار أمريكي، فيما وصلت الأرباح الصافية إلى 17.8 مليار دولار بزيادة قدرها 75.9% سنوياً.  وفي العام نفسه، حققت مجموعة "هواوي كارير" لشبكات الاتصالات إيرادات وصلت إلى 44.1 مليار دولار أمريكي وساعدت شركات الاتصالات في جميع أنحاء العالم على نشر شبكات الجيل الخامس الرائدة، بينما حققت مجموعة أعمال "هواوي إنتربرايز" لقطاع المشاريع والمؤسسات نمواً متسارعاً حيث وصلت إيراداتها إلى 16.06 مليار دولار أمريكي في العام الماضي. وقد حققت مجموعة أعمال "هواوي كونسيومر" إيرادات وصلت إلى 38.17 مليار دولار أمريكي في العام الماضي، حيث واصلت مبيعات الأجهزة التي يمكن ارتداؤها والشاشات الذكية وسماعات الأذن اللاسلكية "ستيريو" وخدمات هواوي للهاتف المحمول نموها على مدار العام الماضي. .

 

وتجسّد حقيقة قيام هواوي بإصدار تقرير سنوي مفصّل بالرغم من أنها شركة خاصة وغير مدرجة في سوق الأوراق المالية وغير ملزمة بالإعلان عن نتائجها المالية علامة واضحة على انفتاح الشركة وشفافيتها تجاه عملائها. ويرتبط انخفاض إيرادات هواوي في واقع الحال بمثابرتها لتطوير المزيد من الابتكارات النوعية والإنجازات غير المسبوقة في مجال التكنولوجيا وسعيها الدؤوب لتنويع أعمالها كوسيلة لمواجهة التحديات التي تعترض طريقها. وأبدت قيادة الشركة انفتاحاً كبيراً في تناول العقبات التي تواجه هواوي بسبب الحظر التجاري الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية.

 

وتمثل الجهود التي تبذلها هواوي في سبيل التكيف مع المتغيرات الطارئة ومواصلة التطور أحد الجوانب التي تسير كما تشتهي الشركة. ففي العام الماضي، يمكننا أن ندرك من خلال الاطلاع على التقرير السنوي أن هواوي بذلت جهوداً مضاعفة لتحسين هيكليتها التنظيمية. وساهمت الجهود المبذولة في سبيل تحسين القدرات التشغيلية وتعزيز الكفاءات التنظيمية وبناء أوجه تآزر وتعاون جديدة داخل الشركة في تمكين هواوي من الحفاظ على وتيرة استكشافها للآفاق الجديدة.

 

وفيما يتعلق بعدد براءات الاختراع الممنوحة خلال عام 2021، تصدّرت هواوي قوائم كل من الإدارة الوطنية للملكية الفكرية في جمهورية الصين الشعبية والمكتب الأوروبي لبراءات الاختراع واحتلت المركز الخامس على قائمة مكتب الولايات المتحدة لبراءات الاختراع والعلامات التجارية. وخلال عام 2021 أيضاً، احتلت هواوي المرتبة الثانية على لائحة الشركات الأكثر إنفاقاً على الاستثمار في أنشطة البحوث والتطوير الصناعية الصادرة عن الاتحاد الأوروبي (EU Industrial R&D Investment Scoreboard). ويعمل لدى الشركة حوالي 107 آلاف موظف مختص في مجال البحوث والتطوير يشكلون حوالي 54.8% من إجمالي القوى العاملة لدى هواوي.

 

وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد، تواصل هواوي قيادة مشهد الابتكار في مجال تكنولوجيا اتصالات الجيل الخامس، حيث تتعاون مع أبرز الشركات المشغلة لشبكات الاتصالات وقادة القطاع لطرح تطبيقات جديدة في السوق. وحتى في ظل العقوبات الأمريكية، ومن خلال التعاون مع شركات الاتصالات والشركاء، أبرمت هواوي أكثر من 3 آلاف عقد تجاري لتطبيقات تكنولوجيا الجيل الخامس في الميدان الصناعي. وتعمل هواوي في الوقت الراهن على استكشاف واختبار تطبيقات الجيل الخامس المصممة خصيصاً لأكثر من 20 قطاعاً مختلفاً بحلول نهاية عام 2021.

 

ويقودنا هذا الأمر إلى نقطة أخرى تتمثل بتركيز الشركة على اجتراح الحلول المناسبة للتحديات التي تهيمن على مشهد القطاع. وفي الحقيقة، تتعاون هواوي مع العديد من الشركات العملاقة في القطاع والجهات الحكومية البارزة والعديد من الشركات في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بحد ذاته. وبدلاً من الانكفاء على نفسها، ضاعفت هواوي جهودها الرامية لتعزيز التعاون المفتوح مع هؤلاء الشركاء والترويج لمعايير عالمية مشتركة. ويجسّد إطلاق شركة "هواوي ديجيتال باور" مجرد مثال واحد على ذلك؛ حيث يتبلور ذلك من خلال إدراك الزخم الكامن وراء العمل المناخي والفجوة التي يعاني منها السوق على صعيد توفير حلول صديقة للبيئة وأكثر استدامة.

 

وحتى في ظل افتقار هواتف هواوي المحمولة إلى "خدمات جوجل"، شحنت هواوي أكثر من 100 مليون وحدة من أجهزتها القابلة للارتداء بشكل تراكمي. وخلال عام 2021، سجل عدد التطبيقات المتوفرة ضمن "منصة هواوي للخدمات والتطبيقات" (HMS) زيادة بنسبة 147% بالمقارنة مع عام 2020. كما سجلت إيرادات هواوي من مبيعات الأجهزة من أمثال الأجهزة القابلة للارتداء والشاشات الذكية زيادة بنسية تزيد عن 30%.

 

وخلال العام الماضي إجمالاً، بلغ إجمالي استثمارات هواوي في البحوث والتطوير إلى نحو 22.4 دولار أمريكي ، وهو ما يمثل 22.4% من إجمالي إيرادات الشركة. وبذلك، يكون إجمالي استثمارات هواوي في البحوث والتطوير على مدار السنوات العشر الماضية 132.5مليار  دولار أمريكي.

 

وعلاوة على ذلك، من الواضح أن الشركة تلعب دور المساهم في القطاعات والشركات الأخرى. وخلال دورة عام 2021 من "قمة شركاء هواوي في الشرق الأوسط"، أشارت هواوي إلى نمو عدد الشركاء ضمن منظومتها إلى 28 ألف شركة حول العالم، كما أضافت الشركة أكثر من 500 شريك مسجل في منطقة الشرق الأوسط. وبحلول نهاية عام 2021، وقع اختيار أكثر من 700 مدينة و267 شركة مدرجة ضمن قائمة "فورتشن 500" على هواوي كشريك للتحول الرقمي.

 

ويعتبر برنامج "سبارك" (Spark) من هواوي مثالاً آخر على التزام الشركة الراسخ بمنطقة الشرق الأوسط. ويندرج "سبارك" تحت مظلة "برنامج واحة السحابة الإلكترونية" (HUAWEI CLOUD Oasis Program) الذي أطلقته هواوي في سبتمبر 2021، وأعلنت من خلاله عن خططها الرامية لضخ استثمارات بقيمة 15 مليون دولار أمريكي على مدار السنوات الثلاث المقبلة لتسريع وتيرة تطور شركات ومنظومات التكنولوجيا في المنطقة.

 

وبمناسبة الحديث عن السحابة، لابد من الإشارة إلى حقيقة أن المملكة العربية السعودية تجسّد سوقاً ذو أهمية خاصة بالنسبة للشركة. وخلال فعاليات دورة هذا العام من مؤتمر LEAP التقني الدولي التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض، أعلنت هواوي عن خططها الرامية لافتتاح منطقة سحابية في المملكة، في رسالة واضحة حملها رئيس مجلس الإدارة الدوري للشركة تعكس مدى أهمية المملكة بالنسبة لأعمال هواوي العالمية.

 

لكن، هل تعتبر هذه الجوانب كافية للوقوف في وجه الضغوط الهائلة التي تفرضها الشركات المنافسة والجهات الفاعلة من خارج القطاع؟ الوقت فقط كفيل بتوضيح ذلك. ولكن في الوقت الراهن، يبدو أن منهجية هواوي القائمة على الانفتاح والنجاح المشترك تلعب دوراً محورياً في استراتيجيتها، وقد بدأت تؤتي ثمارها على أرض الواقع.