ولت الأيام التي كانت فيها النقود ضرورة لإنجاز أي عملية شراء أو بيع، فلم يكن بمقدور المرء الخروج لتسوق أي شيء دون حمل حفنة من الأوراق النقدية في محفظته. ومع تفشي جائحة كوفيد، برز توجه نحو تسريع الثورة الرقمية، مما ساهم في جعل المدفوعات الرقمية الطريقة المفضلة للتعاملات في جميع مناطق العالم، ومنها منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

وفي ضوء تنامي اهتمام حكومات المنطقة ببناء اقتصادات رقمية، تم إطلاق العديد من المبادرات التي ساهمت في تسريع وتيرة التحول الرقمي في المنطقة، مثل رؤية المملكة العربية السعودية 2030، ورؤية مصر 2030، ورؤية "نحن الإمارات 2031". وفضلاً عن الانتشار الواسع للإنترنت فيها، تتميز منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ببنية تحتية متفوقة وقطاع تكنولوجيا مالية مزدهر، كما أن معظم سكانها من الشباب والخبيرين باستخدام التقنيات الرقمية والحديثة.

ووفقاً لتقرير المدفوعات العالمية لعام 2023 الصادر عن شركة "إف آي إس"، شكل استخدام بطاقات الائتمان في معاملات الدفع الإلكترونية في دولة الإمارات العربية المتحدة نسبة 41%، بينما مثلت بطاقات الخصم نسبة 11% من هذه المعاملات. كما احتلت المحافظ الإلكترونية المرتبة الثانية في طرق الدفع عبر الإنترنت، حيث شكلت نسبة 24% من قيمة المعاملات، بالمقارنة مع نسبة 23% في عام 2021. وتعد خاصية "تسوق الآن وادفع لاحقاً" من أسرع طرق الدفع نمواً في المنطقة بمجال التجارة الإلكترونية، مع توقعات بنموها بمعدل سنوي مركب قدره 43% حتى عام 2026.

ورغم كل الابتكارات والتطورات التي طرأت على مجال المدفوعات الرقمية، إلا أن التغيير الحقيقي في هذا المجال جاء مع تقنية السحابة، حيث ساهم دمج الحوسبة السحابية في أنظمة الدفع الرقمية في تعزيز إمكانية توسع ووصول هذه الأنظمة بشكل غير مسبوق. إذ تسمح الحلول السحابية لمزودي خدمات الدفع بتخصيص الموارد بطريقة ديناميكية تتماشى مع الطلب، حيث مكنتهم من توسيع منصات الدفع الخاصة بهم بسهولة لتواكب حجم المعاملات المتزايد. وبالتالي، تضمن هذه المرونة إجراء عمليات الدفع بكل سلاسة حتى خلال أوقات الذروة، مثل مواسم العطلات أو خلال العروض الحصرية. علاوة على ذلك، يمكن الوصول إلى الخدمات السحابية من أي مكان عبر الاتصال بالإنترنت، مما يتيح للمستخدمين إجراء المدفوعات بسهولة عبر تطبيقات الأجهزة المحمولة أو متصفحات الويب أو أجهزة إنترنت الأشياء IOT.

وتساعد منصات المدفوعات السحابية كذلك في تعزيز الإجراءات الأمنية وتخفيف مخاوف العملاء، حيث يمكّن تخزين ومعالجة البيانات بطريقة مركزية مزودي الخدمات السحابية من تطبيق أنظمة أمان قوية، بما في ذلك التشفير والترميز والمصادقة متعددة العوامل. وتحمي هذه الآليات معلومات الدفع الحساسة، مما يقلل من مخاطر اختراق البيانات. بالإضافة إلى ذلك، تقوم خوارزميات تعلّم الآلة المستخدمة في السحابة بتحليل أنماط المعاملات في الوقت الفعلي، وبالتالي تتيح الكشف عن الأنشطة المشبوهة والإبلاغ عن المعاملات الاحتيالية المحتملة بسرعة.

وتوضح الشراكة التي تم الإعلان عنها بين شركتي هواوي كلاود و"بيتابس"، التي تتخذ من المملكة العربية السعودية مقراً لها، خلال المؤتمر العالمي للهواتف المحمولة في برشلونة، كيف يمكن للحوسبة السحابية أن تسهم في دفع عجلة قطاع المدفوعات الرقمية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتتطلع هذه الشراكة إلى توفير تجارب دفع سلسة وأكثر أمان للمستهلكين في كافة أنحاء العالم، مما يعزز نمو منظومة التكنولوجيا المالية.

وتعد هواوي كلاود من أبرز مزودي الخدمات السحابية في منطقة الشرق الأوسط، حيث تقدم خدمات سحابية مبتكرة وموثوقة وآمنة ومستدامة لشركات التكنولوجيا المالية. كما تستفيد "بيتابس" وغيرها من شركات التكنولوجيا المالية من أساس هواوي كلاود السحابي المتين لدعم خططها التوسعية عالمياً ومحلياً، فضلاً عن الاستفادة من حضور هواوي العالمي للوصول إلى الأسواق العالمية وتنمية أعمالها.

وقد عززت هواوي حضورها في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، وأرست لنفسها مكانة بارزة كمركز رئيسي للخدمات السحابية المبتكرة من خلال تأسيس مركز "هواوي كلاود منطقة الرياض" في سبتمبر 2023، والذي يؤكد على التزام الشركة الراسخ بتوفير اتصال واسع النطاق وخدمات تنافسية في مجال الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي في المملكة العربية السعودية وخارجها.

ويعكس حصول "هواوي كلاود منطقة الرياض" على ترخيص فئة (ج) في غضون ثلاثة أشهر من إطلاقها في المملكة، التزام هواوي كلاود الراسخ بتوفير أحدث التقنيات والخدمات. كما تضمن الشركة لمزودي الخدمات السحابية حماية بياناتهم والحد من مخاطر فقدانها أو تلفها عبر تقديم ميزات أمان قوية، بما فيها التشفير وجدران الحماية وأنظمة الكشف عن التسلل.

ويغطي مركز "هواوي كلاود منطقة الرياض" ثلاثة مناطق توافر خدمات يقدم من خلالها خدمات سحابية متطورة وآمنة ومبتكرة وموثوقة وزمن استجابة منخفض، وبالتالي يضمن حصول العملاء على خدمات متميزة مدعومة من هواوي كلاود. وتوفر الخدمات السحابية للشركات خيارات التخزين الآمن والنسخ الاحتياطي للبيانات، مما يشكل دفعة كبيرة للتحول الرقمي ومنظومة التكنولوجيا المالية في المنطقة.

ويواصل قطاع التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تسجيل تقدم ملحوظ في ضوء الإقبال المتزايد على الخدمات المالية الرقمية. ففي عام 2023، احتل هذا القطاع المرتبة الأولى في السعودية، حيث بلغ حجم تمويلاته 704 مليون دولار من خلال 30 صفقة. وتهدف رؤية السعودية 2030 إلى رفع حصة قطاع المدفوعات الرقمية إلى 70%، والاستفادة من الفوائد والإمكانات الاقتصادية الجمّة التي يقدمها هذا القطاع لحفز تطور وازدهار المملكة.

وتشكل شراكة هواوي كلاود مع "بيتابس" وغيرها من شركات التكنولوجيا المالية الرائدة في منطقة الشرق الأوسط خطوة مهمة نحو دفع عجلة التحول الرقمي وتسريع نمو الأعمال بالمنطقة. إذ تدفع سمعة ومكانة هواوي كلاود كمزود موثوق للخدمات السحابية العديد من شركات التكنولوجيا المالية إلى الاستعانة بتقنياتها السحابية المبتكرة وخبراتها العالمية، والتي تسهم بدورها بشكل كبير في حفز التحول الرقمي والارتقاء بقطاع التكنولوجيا المالية في المنطقة.