بعد إعلان استثمارات كبيرة بقيمة قدرها 11.9 مليار دولار أمريكي يوم الاثنين، كشف مؤتمر ليب 2024، الحدث التقني الأكثر حضوراً في العالم والمستمرّ حتى 7 من مارس في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات، أمس الثلاثاء عن مجموعة أخرى من الاستثمارات بقيمة تزيد على 888 مليار دولار أمريكي، لدعم منظومات الشركات الناشئة المحلية التي تغطي قطاعات متنوعة، بما فيها المدفوعات الرقمية والألعاب الإلكترونية والذكاء الاصطناعي.

 

وأعلنت شركة Invest corp إطلاق صندوق جديد مخصص لدعم الشركات في مراحل نموها باستثمار قدره 500 مليون دولار، في حين أعلنت Oasis Capital إطلاق صندوقها الثاني “الصندوق الثاني” بإجمالي استثمارات قدره 100 مليون دولار، في حين كشف صندوق التنمية الوطني وبنك التنمية الاجتماعية، تأسيس صندوق الاستثمار في الألعاب والرياضات الإلكترونية بقيمة قدرها 40 مليون دولار بإدارة من شركة الاستثمار الجريء Impact46، فضلاً عن إنشاء مسرعة وصندوق للاستثمار في الألعاب والرياضات الإلكترونية تديره ميراك كابيتال بقيمة قدرها 80 مليون دولار.

 

ومن جهةٍ أخرى، أعلنت شركة تكامل القابضة إطلاق صندوق استثماري بقيمة قدرها 50 مليون دولار لدعم الشركات التقنية في مراحل نموها المبكرة في سوق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما كشفت شركة Plug and Play عن إطلاقها أول صندوق لها في المنطقة للاستثمار في الشركات التقنية الناشئة، وأعلنت شركة X By Unironic إطلاقها صندوقها الاستثماري الأولي، لدعم أعمال خدمات البرمجيات للشركات الناشئة.

 

وتعليقاً على هذا الموضوع، قال مايكل تشامبيون، الرئيس التنفيذي لشركة تحالف، المشروع المشترك بين شركة إنفورما العالمية والاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز وصندوق الفعاليات الاستثماري ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية: “مع اقتراب الاستثمارات في المؤتمر من 13 مليار دولار أمريكي، تؤكد إعلانات اليوم وبرنامج مؤتمر ليب الإمكانات غير المحدودة للفعالية في الارتقاء بقطاع التقنية المتميز في المملكة العربية السعودية والنهوض به قدماً. وبينما نتطلع إلى تعزيز النمو التجاري والتقدم الاجتماعي المدعوم بالتقنية في جميع أنحاء العالم، يثبت مؤتمر ليب في المملكة العربية السعودية دوره الحاسم في دعم أوجه التعاون على مستوى القطاع والشراكات بين القطاعين العام والخاص”.

 

شركة Zoom توسّع نطاق منتجاتها وخدماتها في المملكة العربية السعودية

رسخّت شركة تقنية الاتصالات العملاقة Zoom التزامها بالتوسع في المملكة العربية السعودية من خلال العديد من الإعلانات في المؤتمر التقني ليب 2024، ومنها إتاحة Zoom AI Companion لعملائها في المملكة بحلول نهاية يوليو 2024، وإتاحة هاتف Zoom بحلول أكتوبر 2024، وافتتاح مركز اتصال Zoom بحلول نهاية العام. وستضيف Zoom أيضًا منطقتين سحابيتين في المملكة هذا العام، وستكون أولاهما متاحة هذا الشهر.

 

واعتلى إريك يوان، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Zoom خشبة المسرح الرئيسي للفعالية اليوم، ليوضح أن مستخدمي Zoom لن يضطروا بعد الآن إلى حضور اجتماعاتهم الخاصة في المستقبل، مع قيام “التوأم الرقمي” ببعض المهام اليومية، حيث تدمج Zoom الذكاء الاصطناعي في منتجاتها. ففي حال التأخر عن اجتماع ما، يمكن طلب ملخص يُنشأ عن طريق الذكاء الاصطناعي لمتابعته لاحقاً”.

 

وأضاف يوان: “سيكون التوأم الرقمي قادراً على الانضمام إلى الاجتماع نيابةً عن المستخدمين وإدارة الاجتماع وتنزيل كافة المعلومات، ومنها النقاط البارزة وإرسالها إلى الهاتف المحمول”.

 

اتفاقية تعاون بارزة بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية

ومن أبرز الاستثمارات التي أُعلنت خلال مؤتمر ليب 2024 إبرام المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية اتفاقية استثنائية لتعزيز الجهود التعاونية بينهما في مجال الأبحاث والعلوم العميقة والتقنية.

ووقع الاتفاقية الجديدة السيد أندرو جريفيث، وزير الدولة للعلوم والبحوث والابتكار في المملكة المتحدة؛ ومعالي عبد الله بن عامر السواحة، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات بالمملكة العربية السعودية.

 

وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز التعاون بين المملكتين لمواجهة عدد من التحديات العالمية، ومنها الأمن الغذائي وإيجاد مصادر للطاقة النظيفة.

 

وتعليقاً على هذا الموضوع، قال أندرو جريفيث: “تطمح المملكة العربية السعودية إلى إعادة رسم ملامح اقتصادها، وتعمل على المضي قدماً بعملية التحول بالاعتماد على العلم والتقنية. ويعد التعاون والتنسيق على النطاق العالمي عاملاً أساسياً لتحقيق أهداف المملكة المتحدة على صعيد العلوم والابتكار، وهذا ما يجعل التعاون مع المملكة العربية السعودية أمراً أساسياً في مساعينا على مدى الأعوام القادمة".

 

ميتا: آفاقٌ واعدة أمام الذكاء الاصطناعي ومنشئي المحتوى

في صدد تعليقها على مسرحي الاقتصاد الإبداعي والألعاب الرقمية خلال النسخة الثالثة من مؤتمر ليب 2024، أكّدت مون باز، مديرة شراكات المبدعين في الشرق الأوسط وأفريقيا وتركيا لدى شركة ميتا، قدرة الذكاء الاصطناعي المتكامل على تطوير آليات إنشاء المحتوى، حيث قالت: “لم تعد القوة المؤثرة في صناعة المحتوى بيد الشركات الكبرى، بل بدأت تنتقل إلى المبدعين الأفراد، مثل ليونيل ميسي ولوجان بول، الذين يقودون مسار تطور العلامات التجارية التي تركّز في أولوياتها على صناع المحتوى، ويكشفون قدرة المواهب على إنتاج محتوى غامر باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والفنون البصرية والواقعين المعزز والافتراضي، مما يزيد الإنتاجية ويرتقي بالرواية الخاصة بهؤلاء المؤثرين، ويمنحهم قدرة أفضل على التحكم بحقوق الملكية الفكرية لهذه العلامات التجارية والمحتوى المرتبط بها”.

 

زوار ليب 24 يستمتعون بتجارب الواقع الغامر

وأضافت باز: “قد تبدو ظاهرة الشخصيات الافتراضية المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي من المواضيع الحساسة، ولكن علينا الاعتراف بأن هذه الروبوتات التي تقدم محتوى متخصصًا بدأت اكتساب قوة تأثير وقاعدة متابعين لافتة. ولكن استبدالها بالمؤثرين الحقيقيين ما يزال بعيد المنال؛ لأن ذلك يتطلب منّا مزيدًا من الراحة في التعامل مع العوالم الافتراضية الغامرة، وأن نعتاد رؤية هذه الشخصيات الوهمية تتفاعل على نحو أكبر مع المجتمع الحقيقي”.

 

وأكدت باز أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يعمل على إحداث تحول في صناعة المحتوى، إذ تشير البيانات إلى أن 40% من تطبيقات المؤسسات تتجه إلى الاعتماد على تقنية المحادثة القائمة على الذكاء الاصطناعي مع نهاية عام 2024. ومن المتوقع أن يسيطر الذكاء الاصطناعي على نحو 15% من التطبيقات الجديدة بحلول عام 2027، إضافة إلى توظيف هذه التقنيات الذكية في 90% من عمليات الإنتاج السينمائي مع بلوغ عام 2030.

 

طموح بلا حدود في المملكة العربية السعودية

شهدت منصة Orbital Talks في ليب 2024 إقبالاً كبيراً للحديث عن الفضاء؛ حيث كشفت وكالة الفضاء السعودية عن عزمها بأن تضع المملكة في مصاف الدول الرائدة في مجال استكشاف الفضاء، بالإضافة إلى دور إستراتيجيتها حول الفضاء في تطوير مشاريع متطورة تعود بالنفع على الإنسانية.

 

وقدم الجلسة كل من شريف عبد المجيد، نائب رئيس عمليات الفضاء لدى وكالة الفضاء السعودية؛ وريانة برناوي؛ أول رائدة فضاء سعودية تنجز مهمة على متن محطة الفضاء الدولية، كما أشارا إلى رؤية المملكة العربية السعودية ودورها في تعزيز قطاع الفضاء فيها.

 

وتعليقاً على هذا الموضوع، قال شريف عبد المجيد: “يتميز العمل في كافة وكالات الفضاء بأنه يتحدى المعقول، ونسعى جاهدين إلى جعل الخيال حقيقة وابتكار تقنيات جديدة بالكامل من شأنها دعم الحياة على الأرض.

 

ووقعت المملكة العربية السعودية اتفاقية أرتيميس للانضمام إلى التحالف العالمي لعودة الإنسان مجدداً إلى القمر، ويتشكل المستقبل بالبقاء على القمر بصفة دائمة وجعله محطة قادمة لتوفير التقنيات اللازمة للوصول إلى المريخ الذي سيكون بدوره محطة الوصول إلى كوكب آخر. وتتطلب هذه الرحلة الشيقة التزاماً استثنائياً لاستكشاف عالمنا الواسع”.

 

وأجاب عبد المجيد عند سؤاله عن الجهود المبذولة لإيصال أول سعودي على سطح القمر: “نعمل بجد يومياً من أجل تحقيق التقدم اللازم لتنفيذ هذه المهمة. ومع أنه لا يمكننا تحديد تاريخ دقيق، إلا أنّها على رأس الأولويات التي نعمل على تحقيقها في وكالة الفضاء السعودية

 

وبدورها، قالت ريانة برناوي: “يساعد العمل في تطوير قطاع الفضاء على ابتكار تقنيات جديدة تعود بالنفع على كوكب الأرض بأكمله، والكاميرات التي نجدها في الأجهزة المحمولة وأجهزة إخماد الحرائق خير مثال على ذلك. ويتطلب اعتماد تطوير قطاع الفضاء على نطاق أوسع تحقيق ثلاثة عوامل أساسية، وهي توفير التكلفة والطاقة اللازمة، وتعزيز الإنتاج والجودة، وتطوير التقنيات الحالية. ونعمل في وكالة الفضاء السعودية على بناء منظومة متكاملة تتيح لنا تنفيذ المهام بكفاءة عالية من ناحية التكلفة”.

 

الروبوتات المعرفية: الورقة البشرية الرابحة في التطوّر الرقمي

وفي ظل تفاعل مجموعة من الروبوتات المستقبلية مع زوار معرض ليب 2024، قدّم ديفيد ريغر، الرئيس التنفيذي لشركة نيورا روبوتيكس، على منصة Orbital Talks رؤيته حول الروبوتات المعرفية التي بوسعها أن تكون شريكًا فاعلًا للبشر في المجتمع الحديث.

وفي أعقاب تطوير شركة نيورا روبوتيكس أول مجموعة من الروبوتات التي تتمتع بقدرات معرفية على مستوى العالم باستخدام الذكاء الاصطناعي وتصميم أجهزة استشعار وأجهزة خاصة، أصبح متاحا أمام أسطول الشركة من الروبوتات العمل بجانب البشر بأمان وسرعة ودقة غير مسبوقة.

 

ووفقًا لريغر، فإن التحدي الأبرز يكمن في ضمان تحقيق الفائدة القصوى للبشر كنتيجة لتمكين الروبوتات وتطوّر الذكاء الاصطناعي، وخاصةً على صعيد توفير الوقت ومضاعفة الإنتاجية.

 

ويؤكد ريغر أن هناك إمكانية كبيرة للتعامل بكفاءة مع الذكاء الاصطناعي وتعزيز فاعليته بالنسبة للإنسان. ولا زال البشر يقومون بمهام بوسع الروبوتات القيام بها بجودة فائقة.

 

ولا شك بأن المرحلة التالية تتطلب تطوير الروبوتات لكي يمكنها خدمتنا على نحو أفضل، مع التوظيف الأمثل للذكاء الاصطناعي بما يؤهلها للقيام بالمهمات التي لا يرغب الإنسان في القيام بها مع بساطتها.

 

ونحن بحاجة إلى روبوتات توفر علينا الوقت، وتفسح لنا المجال للإبداع. ببساطة، ذلك هو المشهد المستقبلي والتحولات المقبلة؛ تحولات تعود بأكبر قدر من الفائدة على المجتمع الإنساني.

 

ويضيف ريغر الذي يمثل أيضاً المجلس الأوروبي للاقتصاد والتقنية: “إن تحوّل الروبوتات من سوق متخصص إلى سوق رئيسي هي مسألة وقت، حيث ستتمتع الروبوتات بقدرات بصرية وسمعية وحسية، ناهيك عن التفاعل بأمان مع البيئة البشرية”.

 

المملكة العربية السعودية.. وجهة مثالية لمدن المستقبل العائمة

وفي إطار المحادثات المدارية التي دارت حول طاقة المستقبل والمدن الذكية، تناولت إيتاي مادامومبي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أوشيانكس، الأسباب التي تجعل من الجغرافيا الطبيعية للمملكة العربية السعودية ومياهها الساحلية الهادئة مرشحًا رئيسيًا للمدن العائمة في المستقبل.

 

وفي معرض حديثها عن نجاح شركة أوشيانكس في بناء أول نموذج أولي لمدينة عائمة مستدامة في العالم ضمن مدينة بوسان الكورية الجنوبية، أشارت مادامومبي إلى أن إمكانات المنصات العائمة التابعة للشركة والقائمة على نظام نموذج الوحدات المخصصة المصمم من أنظمة الحلقة المغلقة المتكاملة تلبي مختلف الاحتياجات من إدارة النفايات إلى توليد الطاقة، وأوضحت الآفاق التي يمكن أن تتيحها هذه المنصات لتعزيز البصمة السكنية والتجارية والبيئية في المملكة العربية السعودية.

 

وقالت مادامومبي: “إن قيام مجتمعات بشرية عائمة بات واقعاً لا يمكن إغفاله، وتنفرد المملكة العربية السعودية بمياه مثالية للبنية التحتية العائمة، إذ يحتوي مشروع أوكساجون في نيوم على هيكل عائم، وقد صمم هذا المشروع أحد المهندسين المعماريين لدينا، لذا يمكنني القول بثقة إن المملكة العربية السعودية مدركة بالفعل أهمية البنية التحتية العائمة، خاصةً أن الحكومة قد أبدت اهتمامًا لافتًا بهذا النوع من المشاريع".

 

ونوهت مادامومبي بأهمية المساكن العائمة كنهج أكثر استدامة لتوسيع الأراضي والمناطق السكنية، خاصة أن المدن الساحلية هي الأكثر تأثرًا بتغير المناخ، والأكثر عرضة للفيضانات التي تسبب أضرارًا بقيمة قدرها مليارات الدولارات للبنية التحتية سنويًا.

 

وأضافت مادامومبي: “نشهد أسبوعياً انتقال نحو ثلاثة ملايين شخص إلى المدن، وتقتصر الحلول الحالية لمواجهة ذلك على استصلاح الأراضي الزراعية، ومن إنفاق أموال طائلة وتدمير موائل المحيطات. من جهتنا في أوشيانكس، نقدم مفهومًا جديدًا للمجتمعات الإنسانية من خلال حلول مستدامة قابلة للتخصيص، وتنسجم مع الطبيعة، وتساعد في الوقت ذاته في تجديد منظومة الحياة البحرية”.